طرد الملحق العسكري الإسرائيلي من روسيا مؤشر على أزمة عميقة بين الدولتين

أكدت تقارير إسرائيلية أن إقدام روسيا على طرد الملحق العسكري الإسرائيلي في موسكو العقيد فاديم لايدرمان هي مؤشر على وجود أزمة عميقة بين الدولتين تتعلق بتجارة السلاح وشعور الروس بإهانة بعد تعيين إسرائيل ملحق عسكري جديد لا يتحدث الروسية، كما أن إسرائيل تشكّ في أن الروس حاولوا تحويل لايدرمان إلى عميل مزدوج.
وذكرت صحيفة 'معاريف' الخميس أن القرار بتوقيف وطرد لايدرمان صدر عن أعلى المستويات الروسية وهما الرئيس ديمتري ميدفيدف ورئيس الوزراء فلاديمير بوتين.
وقالت الصحيفة إن ضباط جهاز الأمن الروسي أوقفوا لايدرمان واصطحبوه للتحقيق بينما كان يجلس في مطعم يتناول وجبة الغداء مع شخص يرجح أنه رجل الاتصال الدائم له الذي يعمل في وزارة الدفاع الروسية.
ورافق لايدمان الضباط الروس الذين لم يكن بإمكانهم اعتقاله بسبب حصانته الدبلوماسية، وبعد التحقيق معه لساعات عدة، تخللتها اتصالات مع السفارة الإسرائيلية، تم إخلاء سبيله مع أمر يقضي بأن يغادر مع عائلته روسيا في غضون 48 ساعة.
ووصل لايدرمان إلى إسرائيل مساء السبت الماضي وتم نقله مباشرة إلى مقر لجهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) حيث جرى التحقيق معه.
وأعلن الناطق العسكري الإسرائيلي بعد ذلك أنه خلال التحقيق في الشاباك خضع لايدرمان لفحص على جهاز كشف الكذب (بوليغراف) وتبين أنه 'قال الحقيقة'.
وافادت 'معاريف' بأن أحد التقديرات في إسرائيل هو أن المخابرات الروسية حاولت تجنيد لايدرمان في صفوفها وأن يصبح عميلا مزدوجا، وأنه من أجل تنفيذ ذلك مارست المخابرات الروسية ضغوطا على الضابط الإسرائيلي وبعد أن رفض لايدرمان الاقتراح الروسي تقرر طرده.
وادعى لايدرمان أمام محققي الشاباك أن الروس فسروا سلوكه بشكل خاطئ وأنه لا أساس لادعاءات الروس بأنه مارس أنشطة تجسس.
ورفضت روسيا توجهات إسرائيلية وبخاصة من جانب وزارة الخارجية الإسرائيلية طالبت بإلغاء الطرد.
ورغم أن طرد الضابط الإسرائيلي يأتي بعد زيارة رئيس وزراء إسرائيل إلى روسيا والاتفاق على أن يطلق صاروخ روسي القمر الاصطناعي 'عاموس ـ 4' إلى الفضاء، إلا أن مسؤولين إسرائيليين مطلعين بشكل واسع على العلاقات الروسية ـ الإسرائيلية أشاروا إلى أن طرد لايدرمان هو مؤشر على أزمة عميقة بين الدولتين.
ولفتت 'معاريف' إلى أمور عدة تتعلق بهذه القضية وبينها أن لايدرمان عمل على دفع صفقات أسلحة بين إسرائيل وروسيا وأن الدولتين توشكان التوقيع على اتفاق يفرض السرية على التعاون العسكري بينهما وسيشكل رافعة لصفقات أسلحة.
لكن من الجهة الثانية فإن إسرائيل التي تبيع طائرات صغيرة من دون طيار لروسيا تمتنع بسبب ضغوط أمريكية عن بيع روسيا أنواعا متطورة من هذه الطائرات الأمر الذي يثير غضبا روسيا كبيرا.
وكان لايدرمان نفسه قد قال في الماضي إنه 'تجري في روسيا عملية إصلاح وإعادة تنظيم للجيش وهم مهتمون جدا بموضوع الأسلحة ولذلك يبحثون عن طريقة للتقرب منا، وأكثر ما يهمهم هو الطائرات الصغيرة من دون طيار من أنواع متعددة'.
وبشأن امتناع إسرائيل عن بيع روسيا طائرات صغيرة متطورة جدا قال لايدرمان إن 'تخوفاتنا من روسيا واضحة وتوجد هنا شحنة تاريخية نتذكرها جميعنا وهي أن روسيا كانت مزودة السلاح الأكبر لأعدائنا على مدار سنين طويلة'.
كذلك تمارس إسرائيل ضغوطا على روسيا لمنع بيع أسلحة، هي بالأساس دفاعية، لكل من سورية وإيران، مثل صواريخ 'ياخونت' لسورية وقذائف متطورة مضادة للمدرعات من طراز 'كورنيت' لإيران، بادعاء التخوف من وصول هذه الأسلحة لحزب الله الذي قد يستخدمها ضد أهداف إسرائيلية في حال اندلاع مواجهة جديدة في المستقبل.
ووفقا لـ'معاريف' فإن الروس أوضحوا أن صفقات الأسلحة مع سورية وإيران هي مسألة اقتصادية وطالبوا إسرائيل بأن تشتري أسلحة روسية أو، بدلا من ذلك، تزود روسيا بأسلحة معينة لكن إسرائيل ما زالت ترفض الاستجابة لهذا الطلب.
وثمة قضية أخرى لا تستبعد إسرائيل أن تكون في خلفية طرد ملحقها العسكري وهي إلغاء زيارة ميدفيدف لإسرائيل في منتصف كانون الثاني (يناير) الماضي على أثر إضراب مستخدمي وزارة الخارجية الإسرائيلية، إذ تبين حينذاك أن الحكومة الإسرائيلية لم تبذل اية جهود من أجل إخراج الزيارة إلى حيز التنفيذ وبذلك أبعدت روسيا عن التدخل في عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين في الاستخبارات الإسرائيلية تعقيبهم على طرد لايدرمان بالقول إن 'حكومة إسرائيل ضعيفة وعلى أمر كهذا ينبغي طرد النظير الروسي في البلاد ويحظر المرور بصمت على ذلك، فهذه هي قواعد اللعبة'.
من جانبه، قال السفير الإسرائيلي السابق في موسكو تسفي مغين إن 'القرار بشأن طرد لايدرمان اتخذ في أعلى المستويات السياسية وهذه طريقة روسيا لإبلاغ إسرائيل بعدم رضاها من عدة مواضيع وهذا يدل على إساءة كبيرة في العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين'.
وأضاف مغين أن طرد الملحق العسكري 'لا تعني ما إذا كان لايدرمان قد فعل شيئا أو لا وإنما هذه الخطوة تشير إلى أمور أوسع بكثير وتتعلق بمطالب في أمور أخرى'.
ويشار إلى أن روسيا كانت قد طردت مسؤولين أمنيين إسرائيليين في العام 2009 والعام 1996.
ويذكر أن وزارة الدفاع والجيش في إسرائيل عينا مؤخرا ملحقا عسكريا جديدا في موسكو برتبة عسكرية منخفضة هو الرائد كوبي حبيب الذي يتحدث اللغة الروسية، وكان الروس قد عقبوا بذلك عدة مرات خلال محادثاتهم مع مسؤولين إسرائيليين وقالوا إن تعيين حبيب 'يمس بكرامتهم' وأنه 'لا يتم التعامل بهذا الشكل مع دولة صديقة وهامة مثل روسيا'.
ويشار إلى أن لايدرمان، 48 عاما، هو من مواليد الاتحاد السوفييتي وهاجر إلى إسرائيل في العام 1977، وهو مستوطن يسكن في مستوطنة 'موديعين'.

تنبيه : المرجوا عدم نسخ الموضوع بدون ذكر مصدره المرفق بالرابط المباشر للموضوع الأصلي وإسم المدونة وشكرا
abuiyad